تعلمت من الحياة

تعلمت من الحياة:
لن ينكسر قارب الحياة على صخرة اليأس مادام هناك مجداف اسمه الأمل.

Wednesday 7 November 2012

الاستثمار الإيراني واللااستثمار العربي


بقلم: سري سمّور

ونحن نعيش ذكرى (وعد بلفور)، وقد عشنا قبل أيام حادثة اختراق طائرة بدون طيار أرسلها "حزب الله" إلى أجواء فلسطين المحتلة، تتزاحم العديد من الأفكار والخواطر، وكلها ينضح ألماً وحُرقة على ما وصلنا إليه، بيد أن نصاً يُلح على الحضور والقفز من وإلى الذهن، نص أو حدث عمره 76 سنة... النص هو رسالة الحُكام العرب إبان الثورة الفلسطينية الكبرى سنة 1936م إلى اللجنة العربية العليا التي دعت صراحة إلى «وقف الثورة، والاعتماد على النيات "الطيبـة" لصديقتنا بريطانيا العظمى التي أعلنت أنها سـتُحقق العدالـة»، وما تلا النص المذكور حيث دعت اللجنة العربية العليا إلى وقف الإضراب، وإلى حل التنظيمات العربية وعودة الثوار العرب إلى دولهم!!

هذه أحداث ونصوص مهمة للغاية؛ فوقتها لم يكن هناك "فتح" ولا "حماس"، ولا انقسام بات شماعة وذريعة، ولم يكن وقتها ثمة صراع سني ـ شيعي أو عربي ـ فارسي وخطر إيراني ولا حرب باردة، بل كانت هناك هجرة يهوديـة كثيفـة يدعمها انتداب بريطاني مجرم آثم، ثار الشـعب الفلسـطيني في وجهـه، وجعل من خطـة إقامـة كيان صهيوني على هذه الأرض أمرا مسـتحيلا لأن الثورة قلبت كل الموازين وغيّرت وبدّلت كل المعادلات، فجاء نداء قادة العرب الذي سـارعت قيادتنا إلى التجاوب ـ مع الأسـف ـ معـه ليُنقذ سـلطـة الانتداب ويُنقذ الهجرة اليهوديـة التي جعلتها الثورة العارمـة عكسـيـة!

هكذا اسـتمر الحال المزري قبل قيام الكيان وبعده، قبل "فتح" و"حماس" وبعدهما؛ إنه حال عربي يرمي طوق النجاة دائماً للاحتلال، ولا يُسـتثمر في المقاومـة الفلسـطينيـة ولا يرى أن التخلي عن دعم هذه المقاومـة يعود على العرب ـ شـعوباً وأنظمـة ـ بالكوارث العظام، ويرى أن مشـكلتنا "إنسـانيـة" فقط تُحل بكميات من الغذاء والدواء ليـس أكثر!

وعندما غزا الفرنجة أرض فلسطين والشام ونفذوا المذابح الرهيبة في بيت المقدس توجه العلماء والقضاة إلى بغداد والقاهرة ودمشق فلم يجدوا إلا التراخي أو الوعود الفارغة، ولكن صمت العباسيين والفاطميين لم يحمِ حواضرهم من طمع غزو وتوسع الفرنجة القادمين من وراء البحار... ويتكرر (السيناريو) في عهد الكيان العبري ولا تجد من المتعظين إلا قليلاً؛ فلعل من الواجب والمهم التذكير بأنـه لولا مقاومـة وصمود الشـعب الفلسـطيني لأصبحت حدود الكيان من النيل إلى الفرات؛ وكان قادة وجنود ومخابرات وتجار الكيان وما زالوا يعرضون علينا أن نعيش معهم بسلام، والهدف واضح وهو أن يتفرغوا تماماً للتمدد، ولو قبلنا بهذا لعشنا داخل أرضنا حياة هي بلا شك أفضل مليون مرة من حياة إخوتنا في مخيمات البؤس والقهر والفقر، ولكُنا حصلنا على جنسية الكيان وأصبحنا مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة، ولكن هي مواطنة تعطينا ما لا نأخذه في بلاد أشقائنا العرب... بيد أننا رفضنا كل هذه العروض التي ما تزال قائمة مما اضطر الكيان إلى بناء الجدران والأسلاك الشائكة حول الأراضي التي اغتصبها بدل أن يتمدد أكثر فأكثر!

ولم يكن دعم العرب ـ وأقصد هنا المستوى الرسمي ـ للمقاومة الفلسطينية استثماريا بل خضع لحسابات إقليمية ودولية ومحلية، وشابته شُبهات كثيرة، وكان الاستثمار فيما لا يُفيد الدول العربية في أن يكون لها سند وظهر فلسطيني مخلص؛ فما فائدة دعم القذافي وصدام حسين لمجموعة صبري البنا (أبو نضال) مثلاً!؟

في المقابل فإن إيران استثمرت "حزب الله" بكل ما للكلمة من معنى فأصبح الحزب قلعة متقدمة تُخيف بها الكيان بل وتضرب الكيان بحصنها القوي الذي يُمثله الحزب؛ فالحزب مسلح بسلاح وعتاد قد تعجز دول عن امتلاكه، وبكل تأكيد لم تتطوع أي دولة عربية لتزويد المقاومة الفلسطينية به؛ ولا أقبل ذريعة الحدود محكمة الإغلاق لأن العرب لو أرادوا شيئا فعلوه؛ فالنظام السوري مخابراتي حتى النخاع وأمني بامتياز ومع ذلك نجح العرب في إدخال سلاح إلى المعارضة هناك، كما أن "حزب الله" بات يمتلك طائرات بدون طيار ويُهدد الكيان بأنه يستطيع قصف أي متر مربع داخله بصواريخه، وهو يعني ما يقول... إنه حزب بإمكانات جيش قوي منيع مدرب على حرب العصابات والمواجهة التقليدية كذلك، كل هذا ما كان ليتأتى لحزب في بلد صغير كلبنان لولا الاستثمار الإيراني الجاد، ورفض القيادة الإيرانية منذ عقود جميع أساليب الترغيب والترهيب الغربية لوقف هذا الاستثمار، وأصر على كلمة استثمار لأنها الأنسب هنا... في الوقت الذي يخاف فيه العرب من أي دعم للمقاومة الفلسطينية حتى لا يُتهموا بالوقوف مع «الإرهاب» وظناً منهم أنهم سيتمتعون بالنجاة في عالم لا يُقيم وزناً لضعيف أو رافض لاستثمار حقيقي يقيه تقلبات التاريخ وتغيرات الجغرافيا!

يقولون بأن "حزب الله" يتلقى الدعم، وهو استثمار إيراني في لبنان والمنطقة لأنه ينتمي إلى المذهب الشيعي؛ حسناً... "حزب الله" من الطائفة الشيعية اللبنانية التي تعود جذور أبنائها إلى قبائل عربية من اليمن والجزيرة والعراق، ويتلقى دعماً من إيران الفارسية التي ترتبط معه بالمذهب (حسب التعليل المذكور)، ونحن الشعب الفلسطيني عرب أقحاح وتربطنا علاقات قرابة مع محيطنا العربي وأغلبيتنا الساحقة مسلمين سنة مثل محيطنا، والخطر الإسرائيلي على المحيط العربي أعظم منه على إيران البعيدة نسبياً، ومع هذا نجد استثماراً إيرانياً "لحزب الله"، ورفض عربي لأي استثمار في المقاومة الفلسطينية... بل يقدمون مبادرات "سلام" يقول عنها قادة العدو بأنها لا تساوي ثمن الحبر الذي كُتبت به!

إلى متى يبقى الحال كذلك!؟ ففي زمن الثورات والتحولات آن أن يستثمر العرب في المقاومة، وألا يُعللوا عدم فعل ذلك بالانشغال بقضاياهم الداخلية، فإيران لم تمنعها حربها مع العراق ولا الحصار ولا المشكلات الداخلية من أن تستثمر "حزب الله"... فهل نرى قريباً استثماراً عربياً في المقاومة الفلسطينية؟ إذا كان الجواب نعم فسيكون مثمراً للفلسطيني وشقيقه العربي، فلو كنا فقط نريد الغذاء والدواء فبإمكاننا الحصول عليها من «تنوفا» و«كوبات حوليم» فقط مقابل أن نُخلي بين العبرانيين والعرب!

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الأحد 20 ذو الحجة1433هـ، 4/11/2012م
من قلم: سري سمور(أبو نصر الدين) ـ جنين ـ أم الشوف / حيفا ـ فلسطين

6 comments:

yosef said...

مرحبا بعودتك اخي صالح

ايران تستثمر في حزب الله والشيعة في لبنان ولا تخشاهم فهم دوماً سند لها وهي دوما سند لهم

اما الانظمة العربيّة فلن تستثمر ابداً في الثورة الفلسطينيّة لانها تخشى من الثورة الفلسطينيّة كما تخشى من كل الثائرين على وجه الارض

فهذه الانظمة لن تكون يوما سنداً للثورة ...لأيّ ثورة ولن تكون الثورة ...ايّ ثورة سند لهم بل على العكس فإن الثورات هيّ العدو الاول لتلك الانظمة

مقالة رائعة وتحليل جيد ولكن ليس هناك من قيّادات تلك الانظمة من يقرأ ولو عادوا قليلاً الى الوراء وقرأوا قليلا مما كتب او سمعوا من المواطن العادي القليل لما حصل بنا ما يحصل اليوم
دمت بخير

sheeshany said...

Hello Sale7 and good to read (u) again :)
------

I don`t think there shall be such an (investment) from the part of Arabs, sadly to say!

محمد جمال said...

اولا حمد الله على سلامتك اخونا الكريم
ثانيا : ندعو الله ان تكون بخير انت وكل اهل فلسطين الغالية
ثالثا : اعذرنا فى التأخر فى الرد عليكم فكثيرا ما هى مشاغل الحياة
رابعا : نتمنى عدم الغياب مرة اخرى
دمت بالخير

yosef said...



طالما ان الغُيّاب من الاخوات العزيزات المُدونات والاخوة الاعزاء المُدونون قد طال ....
وحيّثُ ان عددهم قد زاد في الآونة الاخيرة ....

لذلك اقترح عليّكم نحن الموجودون هنا
ان نُبادر الى حملة ( قوس قزح ) لإعادة الغُيّاب من المدونات والمدونين ...
لماذا قوس قزح ....لان التدوين لا يحلو الا إذا كانت كل الالوان موجودة معنا كما قوس قزح ....كُلنا يعرف ويرى جماله من تعدد الوانه وإكتمالها.....
لن أعدد الغُّيّاب وهم كُثرُ
ولكن اعتقد إن بدأنا ..إن شاء الله سنتمكن من إعادتهم

وانا اقترح ان يكتب كل منا تدوينة الى مدونة او مدون من الغيّاب ....ومن خلالها ومن خلال تعليقاتكم نبذل كل جُهدٍ مُمكن لإعادته او إعادتها الى هنا
ومن يّنجح في ذلك يطلب من العائدة او العائد ان يّكمل المشوار ويّكتب الى أحد الغيّاب آملاً منه العودة الى هذا البيّت الجميل الذي يّجمعنا كلنا تحت سقفه ....وهكذا

بالنسبة لي الكثيرون غابوا
نيّسان ونور رفيقتيّ من بيّت الغُرباء
صالح والفاروق و......تطول القائمة

انا إن وافقتم سأبدأ بنفسي
سأحاول مع نيّسانة التدوين
واترك لكم حريّة الموافقة والاختيّار

حملة قوس قزح لإعادة الغُيّاب من المدونات والمدونين
نحو تدوينٍ وتفاعلٍ افضل وعلاقاتٍ إنسانيّة أجمل

يوسف
2/1/2013

yosef said...

هايّ من ويسبر

حمله قوس قزح اللي بدأها صديقنا يوسف حمله نداء لاصدقائنا اللي اشتقنالهم كتير كتير و ﺍﺷﺘﻘﻨﺎ لكلامهم و لوجودهم معنا بهالعالم الجميل وﻟﺘﻮﺍﺟﺪﻫﻢ بين عائلتنا اللي بنيناها بانفسنا ،، اخترنا اللي عقولنا ترتبت مع عقولهم و جذبنا صفاء قلوبهم.

للاسف كتير من هالاصدقاء اختفو تماما من عالمنا و مكانهم فاضي ما حد بقدر او بسترجي يعبيه من بعدهم.
من اول ما بدت الفكره و في صديق اسمه ضرب في بالي وكنت ناوية اخصص هالتدوينه اله، و سبحان الله صديقنا يوسف اقترح علي نفس الشخص و بالرغم من الصفه الطفوليه النكده اللي فيي و اللي هي اني ابطل اعمل الشي اللي مقررته اذا حد حكالي اعمله ولكن صديقي يوسف مش اي حد و صديقي صاﻟﺢ باشا بستاهل اتنازل عن هالصفه ولو لمره واحده :)

صديقي صالح...دكانتك بحاجه لاعاده ترتيب و تفقيد لتواريخ الانتهاء، و بما اني كنت مزود دائم بالبضاعه هناك محاولة مني اني ما اخليلك حجه لتسكر هالدكانه و تتركنا عطشانين لكل ما هو جديد منك فانني من موقعي هذا و بهذه الساعه التاريخيه - ليله سبت و بكره دوام - فاااااا انني اطالب باعاده فتح الدكان و تخصيص ولو ساعه وحده تطمنا عليك و تزودنا بكل ما هو مفيد كعادتك صديقي وما راح احدد ساعه يومي او يوم ورا يوم على ان لا تزيد المده عن اسبوع يلاا علشان تعرف قديش احنا كريمين :)
صديقي السباق بالخير...كل عام وانت بالف خير و خلي هالسنه الجديده تبدا بفرحتنا بالرجوع
بانتظارك قريبا جدا جدا جدا صالح باشا :)

محمد جمال said...

افتقدناك كثيرا صالح