تعلمت من الحياة

تعلمت من الحياة:
لن ينكسر قارب الحياة على صخرة اليأس مادام هناك مجداف اسمه الأمل.

Thursday 19 February 2009

الحمار و صاحب المزرعة


دخل حمار مزرعة رجل، و بدأ يأكل من زرعه الذي تعب في حرثه و بذره و سقيه.

"كيف يُـخرج الحمار؟؟" ... سؤال محير!

أسرع الرجل إلى البيت، جاء بِعِدَّة الشغل، القضية لا تحتمل التأخير.

أحضر عصا طويلة و مطرقة و مسامير و قطعة كبيرة من الكرتون المقوى، كتب على الكرتون: "يا حمار أخرج من مزرعتي!"

ثبت الكرتون بالعصا الطويلة، بالمطرقة و المسمار، ثم ذهب إلى حيث الحمار يرعى في المزرعة، رفع اللوحة عالياً، وقف رافعًا اللوحة منذ الصباح الباكر حتى غروب الشمس، و لكن الحمار لم يخرج!

حار الرجل، ربما لم يفهم الحمار ما كُتبت على اللوحة، رجع إلى البيت ونام.

في الصباح التالي، صنع عدداً كبيراً من اللوحات، و نادي أولاده و جيرانه، و استنفر أهل القرية، و طالب بعمل اجتماع عاجل لرؤساء القرى المجاورة، صف الناس في طوابير، يحملون لوحات كثيرة:
"أخرج يا حمار من المزرعة"
"الموت للحمير"
"يا ويلك يا حمار من راعي الدار"
و تحلقوا حول الحقل الذي فيه الحمار، و بدءوا يهتفون: "اخرج يا حمار... اخرج أحسن لك!"

و لكن الحمار حمار، يأكل و لا يهتم بما يحدث حوله.

غربت شمس اليوم الثاني... فلما رأوا الحمار غير مبالٍ بهم رجعوا إلى بيوتهم، يفكرون في طريقة أخرى.

في صباح اليوم الثالث، جلس الرجل في بيته يصنع شيئاً آخر، خطة جديدة لإخراج الحمار، فالزرع أوشك على الفناء، خرج الرجل باختراعه الجديد، نموذج مجسم لحمار، يشبه إلى حد بعيد الحمار الأصلي.

و لما جاء إلى حيث الحمار يأكل في المزرعة، و أمام نظر الحمار، و حشود القرية المنادية بخروج الحمار، سكب البنزين على النموذج و أحرقه، فكبّر الحشد!

نظر الحمار إلى حيث النار، ثم رجع يأكل في المزرعة بلا مبالاة، يا له من حمار عنيد، لا يفهم.

أرسلوا وفدًا ليتفاوض مع الحمار، قالوا له: "صاحب المزرعة يريدك أن تخرج، و هو صاحب الحق، و عليك أن تخرج."

الحمار ينظر إليهم، ثم يعود للأكل، لا يكترث بهم.

بعد عدة محاولات، أرسل الرجل وسيطاً آخر، قال للحمار: "صاحب المزرعة مستعد للتنازل لك عن بعض من مساحته!"

الحمار يأكل ولا يرد!

الوسيط: "ثلثه!"

الحمار لا يرد!

الوسيط: "نصفه!"

الحمار لا يرد!

الوسيط: "طيب! حدد المساحة التي تريدها و لكن لا تتجاوزه."

رفع الحمار رأسه، و قد شبع من الأكل، و مشى قليلاً إلى طرف الحقل، و هو ينظر إلى الجمع و يفكر.

فرح الناس، لقد وافق الحمار أخيراً، أحضر صاحب المزرعة الأخشاب، و سَيّج المزرعة، و قسمها نصفين، و ترك للحمار النصف الذي هو واقف فيه.

في صباح اليوم التالي، كانت المفاجأة لصاحب المزرعة، لقد ترك الحمار مكانه، و دخل في نصيب صاحب المزرعة، و أخذ يأكل!

رجع أخونا مرة أخرى إلى اللوحات و المظاهرات، يبدو أنه لا فائدة، هذا الحمار لا يفهم، إنه ليس من حمير المنطقة، لقد جاء من قرية أخرى!

بدأ الرجل يفكر في ترك المزرعة بكاملها للحمار، و الذهاب إلى قرية أخرى لتأسيس مزرعة أخرى، و أمام دهشة جميع الحاضرين، و في مشهد من الحشد العظيم، حيث لم يبقَ أحد من القرية إلا و قد حضر، ليشارك في المحاولات اليائسة، لإخراج الحمار المحتل العنيد المتكبر المتسلط المؤذي، جاء غلام صغير، خرج من بين الصفوف، دخل إلى الحقل، تقدم إلى الحمار، و ضرب الحمار بعصا صغيرة على قفاه، فإذا به يركض خارج الحقل...!

صاح الجميع: "يا الله!.... لقد فضحَنا هذا الصغير، و سيجعل منا أضحوكة القرى التي حولنا."

فما كان منهم إلا أن قـَـتلوا الغلام و أعادوا الحمار إلى المزرعة، ثم أذاعوا أن الطفل شهيد!!!

ــــــــــــــ
ملاحظة: هذه قصة خيالية، و أي تشابه مع الواقع بالأحداث أو الأسماء هو من قبيل الصدفة البحتة.
ـ

5 comments:

sfo said...

sad but true

قرأتها قبل هيك

فعلاً بتوصف واقعنا المر

شكراً صالح

Saleh said...

منور سفو باشا...

شفت الصدف؟!
بالزبط مثل واقعنا الحالي

نورنياتي said...

اول شي كنت مفكرتها نكته
فكرت إنو شو هالهبل
طب وااااال مش قادر على حمار
طب يقتلو ولا يروح الزرع
بعد شوي فكرة شو شغل الافتات؟
هي "الحمير" بتفهم
بعدين أأأأأأه فهمت
مش عارفه مين الحمار في الموضوع
الحيوان ولا يلي ترك المزرعة؟

Saleh said...

أنا مش حابب أتدخل بالسياسة و أقول إنه الحمار اللي ترك المزرعة...

لكن اللي صار صار

شكراً على المرور الكريم

Em Ommar said...

وقفت ع الحمار,, بعدين عن السامعين