تعلمت من الحياة

تعلمت من الحياة:
لن ينكسر قارب الحياة على صخرة اليأس مادام هناك مجداف اسمه الأمل.

Wednesday 10 June 2009

صحفي من ضحايا غزة يتزوج بريال واحد

قرر الصحفي الفلسطيني مؤمن فايز قريع من مصابي غزة –خلال فترة إقامته في المملكة للعلاج- الزواج من فلسطينية مقيمة في الرياض، بمهر لا يتجاوز الريال الواحد، و ينوي اصطحابها معه إلى غزة، و أقيم الزواج مساء الخميس الماضي.

"الوطن" التقت ديما و مؤمن، وقبل ذلك تمت مرافقة ديما مع أخيها إلى مدينة الملك فهد الطبية حيث مقر معالجة مؤمن، واستقبلنا مؤمن على كرسيه المتحرك و أخذ يرحب بنا، ثم انتقل بكرسيه المتحرك إلى السرير دون مساعدة خطيبته و بدأ يتحدث إلى "الوطن" بطيب خاطر و انشراح.

تقول ديما: "بعد عقد القران خررت لله ساجدة شاكرة أن تمم هذا الزواج، و أغشي علي من الفرحة التي لم أشعر بها في حياتي من قبل، و كنت انتظر متى يتم هذا الزواج".. و تشير ديما إلى محاولات واجهتها من أقربائها بالعدول عن الزواج، و تضيف: "كنت أعيش حالة من القلق و الضغط النفسي فقد تردد إلى بيتنا كثير من الناس و الذين بدؤوا يفرضون آراءهم و قصصا وهميه ابتكروها في أمر زواجي حتى أعدل عن رأيي هذا، بل و حينما رفضت الإصغاء لهم ظنوا أنني أعاني من أمراض أو تشوهات خلقيه الأمر الذي أضحكني كثيرا، لم يعلموا أنني في خير كثير فمؤمن يستحق التقدير و الإجلال، و إني لأدعو الله أن يرزقني رضاه، الآن سوف أعود إلى مسقط رأسي غزة التي كنت أسمع عنها و لكن مع زوجي البطل".

و إلى حيث بداية تفكير مؤمن بخطبة ديما يقول مؤمن لـ"الوطن": إنه سأل عمه الذي يرافق معه عما إذا كان يستطيع أن يخطب ديما له (تلك الفتاة الفلسطينة ابنة الـ 21 ربيعا، التي استقبلته كغيره من ضحايا غزة فور وصولهم، في موقف تآزري معهم لكونهم أبناء وطنها).

و بدأ مؤمن يحث العم على أن يذهب، لم يتوان العم بل حمل نفسه بسرعة و ذهب إلى بيت والد ديما، ثم أخبره عن رغبة مؤمن في الاقتران بابنته، انطلقت فرحه غامرة من والد ديما ثم قال لعم مؤمن: "منذ أن رأيت مؤمن و أنا أقول يا ليتك زوجا لإحدى بناتي".

ذهب إلى ابنته ديما، و بدأ بخطبه عريضة، فاختصرت ديما على والدها تلك الخطبة الطويلة بالدموع و أخبرته بموافقتها على مؤمن و أنها تحلم بزواج كهذا.. فاضت الدموع بين ديما و والدها، ثم قالت "أنا هبة من الله إلى مؤمن، و كل ما أقدمه لمؤمن ليس إلا جزءا بسيطا من تلك التضحيات التي بذلها مؤمن لنا، يا أبي.. منذ طفولتي و أنا احلم بزواج كهذا يكفيني نوط زوجه مجاهد في سبيل الله".

نقل العم الخبر إلى مؤمن فزادت فرحته حتى إنه لم يتسع لها صدره قال لعمه "خير البر عاجله"، ذهب مؤمن و عمه إلى بيت أهل ديما لعقد القران، ثم سأل الشيخ مؤمن عن مهرها، فأجاب والدها "يكفيني منه ريال واحد مهراً لابنتي فالرجال البواسل لا يباع لهم و لا يشترى بل يوهبون"، ظل الشيخ مندهشاً مما سمع، و توقع أن أمراً ما لابد من معرفته، فسأل الشيخ ديما عن موافقتها لمؤمن، فأجابت "أنا هبة من الله إلى مؤمن"، حينها أيقن الشيخ أن الأمر ليس إجباريا وأنه اختياري، ذهل من تلك الكلمات، و وقف محييا إياها على تلك الشجاعة و على ذلك الإقدام و دعا لها بالتوفيق.

و تعود قصة إصابة مؤمن عقب ما عاشته غزة وسط أجواء امتلأت بنكهة الموت، و ركام الغبار الذي يخنق الأنفاس من منازل تهدمت، و رائحة الشواء التي التهمت لحوم البشرية، لم يبق سوى عظام تفحمت، و تلونت السماء بلون الظلم و قهر الاحتلال الذي لا يكاد يرى له آخر.

خرج من بيته بكل عزيمة و جلادة و قوة و إيمان متجها إلى ساحة القتال، لم يحمل معه شيئا سوى عدسة الكاميرا، و أخذ يقفز عبر خطوط بيضاء و صفراء، و يتسلق ركام المنازل المهدمة .

اسمه: مؤمن، المهنة: صحفي، المكان: الأرض المحتلة، العمر 21 سنة، الزمن: قبل خمسة أشهر؛ كان يسير على قدميه و حبل أفكار لا ينقطع، يفكر في عدة جمل لنشر التقرير في الموقع الذي يعمل به؛ يفكر في عنوان تارة و يتضارب فكره مع جمله تارة أخرى؛ وفي زاوية اتخذها ليختبئ خلفها حتى يخف القصف قليلا، أخذ ينظر إلى الكاميرا التي معه، و يتأكد من الصور التي التقطها، في ذلك اليوم لم ينشر الخبر الذي أعده مؤمن على الموقع كما جرت العادة عليه،الخبر لم يمنع من النشر لأن الرقيب يقف بتمعن على كلماته؛ و ليس لأن كلمات التقارير كانت باردة كالثلج و لم يجهد تفكيره، بل لأن مؤمن أصيب بقذيفة أسقطته جريحاً، فاحتضنت الأرض قدميه المبتورتين، لينقل على أثرها إلى المستشفى.

كانت حالته حرجه جداً و تحتاج إلى علاج و العلاج لا يكاد يتوفر، ليس للعجز المادي فقط بل لأن غزة في ذلك اليوم مسجونة تقبع خلف قذائف الاحتلال، و لم يكن هناك ما يكفي لسد حاجة مرضاها من مستلزمات طبية.

و بعد أن صدر الأمر السامي الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان مؤمن أحد ألحرجي الذين نقلوا إلى مستشفيات المملكة.

في تلك الأيام كانت جميع العائلات الفلسطينية بالرياض تترقب وصول الجرحي لتزورهم و تطمئن على حالاتهم الصحية؛ كان من بين تلك العائلات السيد ماجد أديب عايدية و عائلته، الذي كان يترقب اللحظات و يعد الساعات لوصول الطائرة التي تحمل على متنها الجرحى الغزاويين، بعد أن وصلت الطائرة، حمل أسرته ليطمئن على حالة الجرحى المصابين، و كانت ديما ذات الـ 21 ربيعاً ابنة السيد ماجد تشاطر والدها همه، و ربما حملت الكثير من أنات الحزن، و تحت خمارها الذي لا يكاد يسمع أنينها تدعو بصوت خافت مبحوح بفرج قريب؛ طرق السيد ماجد باب غرفة مؤمن و كانت ديما معه، يقول "كنت أزور جميع الجرحى، و أدعوا الله لهم، و لما ألم بهم، و أنا أخفي مشاعري و أسفي، و فتحت إحدى الستائر، و صعقت مما شاهدت، ليست إلا لحظات و تحولت الأدوار، وجدت المريض هو من يصبرني، و وجدتني أنا المريض، ضاعت الكلمات، لم أجد نفسي إلا أمام رجل يطلق ابتسامة على محياه و يرحب بنا، رأيت نورا ينبعث من وجهه، و في وسط جمله ترك الصمت فيها الكثير عن مواصلة الحديث سأل صوت في داخلي مرتعش من أنا؟ و عما إذا كنت على وجه هذه الأرض موجوداً أصلاً، لم أجد ما أهبه إياه سوى الدعاء، و عدت إلى منزلي و أنا أرى صورة ذلك الرجل مؤمن تتردد كثيراً، أما ديما فذهلت من ذلك الموقف الذي أخذ نصف ساعة حوار مع مؤمن، و هو المتحدث و نحن نصغي إليه وإلى تلك الضحكات التي كان يطلقها، و قوة الإيمان العجيبة التي احتوته، ينتظر يوم خروجه بفارغ الصبر ليعود إلى غزة."

تقول ديما: "أعمل صحفية متعاونة في مجلة (نساء من أجل فلسطين) و التي تصدر من فلسطين، اجتهدت في ذلك اليوم بعمل لقاءات مع الجرحى، و كان مؤمن من بين الجرحى الذين كتبت عنهم و عن حالتهم الصحية، لا أنكر تلك الصورة التي طبعها في مخيلتي عنه، بل شعرت أن لديه طاقات إبداعية هائلة لا أكاد أصفها."

في صباح ذلك اليوم اجتمع الأطباء خارج غرفته بعد أن قاموا بفحصه سريرياً، و تقييم حالته الطبية، و بعد أن أجريت له الأشعة و الفحوصات اللازمة و في الاستقبال المخصص لذلك القسم اجتمع عدد من الأطباء، فطبيب يحمل ملف مؤمن الطبي ويقرأ ما فيه، و آخر يعيد النظر مرة أخرى إلى صورة الأشعة محاولا من خلال النظر لصورة الأشعة مرات عديدة الوصول و البحث عن تفاصيل دقيقه، ثم همس خافت متبادل بين الأطباء.

حمل أحدهم الملف، و أخر صوره الأشعة، بعد أن اهتدوا إلى القرار الأخير، و دخلوا عليه في غرفته، و بدؤوا يتحدثون عن الأمر، فأخبروه بأن حالته الصحية جيدة و سليمة، إلا أن أمرا ما لا بد أن يطلع عليه بأنه سوف يظل مقعدا طيلة حياته، سمع مؤمن الخبر إلا أن أمرا كهذا لم يكن له تأثير بالغ، كل ما فعل احتسب عند الله قدميه اللتين بترتا، بل و زادته قوة و عزيمة.

و قرر أن لا يقف في هذه الحياة بل سوف يستمر بكل ما أوتي من قوة، و يكمل رسالته، ثم فاجأ الجميع وقرر أن يتزوج، بدأ الجميع يتساءل ماذا يفكر فيه مؤمن و من هي تلك التي يأمل بالزواج منها، لم يكن سواها تلك التي اختارها في صمت متأن فقرر أن يتزوج بـ"ديما".

الوطن - بدرية العوض
ـــــــــــــــــ


7 comments:

نورنياتي said...

3ayoo6

Em Ommar said...

يااااااااااااااااه
لسه في من هدول البشر
تصورتهم انقرضو

اهل اخوي بالرضاعه صارت معاهم قصه مشابهه
كان والده مجاهد في فلسطين وتعرض لقذيفه بترت ساقه الأيمن على طول
وكان خاطب
ولمى رجع ع الاردن رفضت خطيبته التخلي عنه,, واصرت انه ينعمل العرس بأسرع وقت ممكن

هلأ تبارك الله عليهم شو عيله حبابه ودينه

تصورت قبل ما أول لمدونه صال اليوم
انه ,, خلص,, مافي أمل ف الناس
بس تفاجئت,, إنه لسه,, وكملت ع تفاجئي حوريه بقصه يامن

يارررررررب

Saleh said...

الدنيا مليانة خير، فيه ديما و أبو/عم يامن و زوجة أخوكي بالرضاعة، و غيرهم كثير، صحيح ثقافة و أخلاق "أنا و من بعدي الطوفان" هي الغالبة، لكن ما زال هناك الكثير من الخير، طبعاً ديما و أبو/عم يامن و زوجة أخوكي بالرضاعة، أعلام بارزة في عالم الخير.

المهم ما نفقد الأمل و إذا ما بنعرف نعمل حاجة لتغيير هالواقع على الأقل نحاول نعمل الخير و نشجع عليه على قدر الإستطاعة

Em Ommar said...

حلوه مقولت,, انا ومن بعدي الطوفان
حسيتك شاعر

Saleh said...

لوووول...

عجبتني شاعر هاي....

بس بدك الصراحة أنا شاعر...

لأ جد باحكي...


أنا شاعر بنعاس شديد و بدي أنام

Em Ommar said...

اخ بس لو إنه موضوعك يتحمل المزح ف الكلام
ااااااااااااااخ بس شو عملت فيك

sfo said...

الله يهنيهم