تعلمت من الحياة

تعلمت من الحياة:
لن ينكسر قارب الحياة على صخرة اليأس مادام هناك مجداف اسمه الأمل.

Monday 30 March 2009

في ذكرى يوم الأرض

ليست مصادفة أننا نتذكر هذا اليوم ذكرى يوم الأرض، ذلك اليوم الذي سقط فيه ستة شهداء دفاعاً عن الأرض بعد إصدار وزير الحرب الصهيوني في 30/03/1976 (إسحاق رابين) قراره بمصادرة حوالي 21 ألف دونم من الأراضي العربية التي تعود لبلدات "دير حنا" و"سخنين" و"عرَّابة" في منطقة الجليل في فلسطين التي احتُلت عام 1948، (وهي القرى التي تُدعى اليوم مثلث يوم الأرض) وذلك في نطاق مخطط تهويد الجليل. فقام العرب الفلسطينيين بإعلان إضراب عام وقامت مظاهرات عديدة في القُرى والمدن العربية وحدثت صدامات بين الجماهير المتظاهرة وقوى الشرطة والجيش الصهيوني، فكانت حصيلة الصدامات استشهاد 6 أشخاص؛ 4 منهم قُتلوا برصاص جيش الاحتلال الصهيوني واثنان برصاص الشرطة الصهيونية.

ورغم مطالبة الجماهير العربية بإقامة لجنة للتحقيق في قيام جيش وشرطة سلطات الاحتلال بقتل مواطنين عُزَّل ـ يحملون الجنسية (الإسرائيلية) ـ إلا أن مطالبهم قوبلت بالرفض التام بادعاء أن الجيش واجه "قوى معادية".

يُعتبر يوم الأرض حدثاً مهماً في تاريخ الفلسطينيين الذين لا يزالون يعيشون في فلسطين المحتلة (1948)؛ فللمرة الأولى منذ النكبة تنتفض هذه الجماهير ضد قرارات سلطات الاحتلال المجحفة وتُحاول إلغاءها بواسطة النضال الشعبي مستمدين القوة من وحدتهم، وكان له أثر كبير على علاقتهم بالسلطة وتأثير عظيم على وعيهم السياسي. ويقوم الفلسطينيون ـ أينما كانوا ـ بإحياء ذكرى يوم الأرض ويعتبرونه رمزاً من رموز الصمود الفلسطيني.

وقد شكلت الأرض، ومازالت، مركز الصراع ولُب قضية وجودنا ومستقبلنا؛ فبقاؤنا وتطورنا منوطٌ بالحفاظ على أرضنا والتواصل معها. قبل أكثر من ثلاثة عقود، وفي الثلاثين من شهر آذار من العام 1976 هبَّت الجماهير العربية وأعلنتها صرخة إحتجاجية في وجه سياسات المصادرة والإقتلاع والتهويد. وكان يوم الأرض أول هبّة جماعية للجماهير العربية، تصرفت فيها جماهيرنا بشكل جماعي ومنظم، حرَّكها إحساسها بالخطر، ووجّهها وعيها لسياسات المصادرة والإقتلاع في الجليل، خصوصاً في منطقة مثلث يوم الأرض، "عرَّابة"، "دير حنا" و"سخنين"، وفي المثلث والنقب ومحاولات إقتلاع أهلنا هناك ومصادرة أراضيهم. في هذا اليوم، الذي يُعتبر تحولاً هاماً في تاريخنا على أرضنا ووطننا، سقط شهداء الأرض.

معركة الأرض لم تنتهِ في الثلاثين من آذار، بل هي مستمرة حتى يومنا هذا، ولا تزال سياسات المصادرة تُطاردنا، والمخططات المختلفة تحاول خنقنا والتضييق على تطورنا في المستقبل، لا بل إننا نمر بواقع مرير ومرحلة معقدة، تكثر فيها التوجهات العنصرية التي تسعى إلى نزع شرعيتنا السياسية وشرعية وجودنا، وليس فقط مصادرة أرضنا.

إن من لا سجل له لا تاريخ له. والسجل يكتبه غالباً المنتصرون وأحيانا الشعراء والمتنبئون، أو بلغة اليوم دهاقنة الإعلام وخبراء الكذب السياسي المنظم.

وقد عانى الفلسطينيون الويلات من ذلك. فقد تعرضنا لأكبر عملية منظمة لمصادرة الأراضي مدعومة من الخارج ومستمرة إلى اليوم. ونحن الضحايا رُسمنا في مخيلة العالم الغربي كـ "الإرهابين والمتعصبين والهاربين من المعركة والبائعين لأرضنا وديارنا".

انظروا إلى علامات الإفك السياسي والتضليل المنظم الذي نشرته الصهيونية في الغرب على مدى عقود من السنين: "فلسطين أرض بلا شعب"، "(إسرائيل) تُدافع عن حياتها ضد العدوان العربي الكاسح..."، "اللاجئون خرجوا من ديارهم بأوامر من العرب، ونحن حاولنا جاهدين إقناعهم بالبقاء ولكنهم أصروا على الخروج..."، "نحن مددنا لهم يد السلام وقابلونا بطلقات المدافع". هذه كلها، وغيرها كثير، جزء من المعركة الدعائية التي يشنوها ضدنا.

لهذا فإن إحياء ذكرى يوم الأرض ليس مجرد سرد أحداث تاريخية، بل هو معركة جديدة في حرب متصلة لاستعادة الحقوق الفلسطينية.

ليس لدينا أرشيف دولة ولا مكتبات وطنية، فقد سرقوها كلها. لذلك وجب علينا أن نستعيد تاريخنا من إحياء هذه الذكريات، تمهيداً لإستعادة جغرافيتنا المسلوبة. لقد سرقوا تاريخنا وجغرافيتنا ولن يهدأ للفلسطينيين بال، جيلاً بعد جيل، إلا بعد أن يلتئم شمل تاريخهم وجغرافيتهم على أرض الوطن.


المصدر: شبكة أمين
التاريخ: 30/03/2007
بقلم: د. رياض مصطفى شـاهين

5 comments:

نورنياتي said...

مابعرف ليه
بس تذكرت من رواية مريد البرغوثي بحكي وهوه واقف على الجسر
إنو هيه البلد الوحيده في العالم يلي شعبها مش عارف شو يسميها
الضفه
غزه
فلسطين
اسرائيل
الضفه الغربيه
الأراضي المحتله
وطني؟ وطنهم؟
جد إشي بحزن

sfo said...

مليح إللي لسه في ناس بتتذكر

مرّ هاليوم بدون ما أشوف حد متذكره
حتى الجهابذة إللي بعرفهم
بحكيلهم اليوم 30 آذار
حكولي: طيب!

كان نفسي اليوم أقرأ
عائدٌ إلى حيفا
أو
البلاد طلبت أهلها
بس وقتي مش إلي

و

تصبحون على وطن

sfo said...

في ذكرى الميلاد العشرين
لفتاة من أرض فلسطين
وقفت تتأمل حاضرها
في أرض يكسوها الطين

خلف الأشواك السلكية
عاشت أياماً وسنين
ما بين الماضي وظلامه
وحنينٍ في القلب دفين
والحاضر في بطء
يمشي يمشي يمشي
مثقول الخطوات حزين

لكن من أين المستقبل
والشعب طريد وسجين
أتعيد فتاتي المسكينة
لتعمر أرض فلسطين؟
أم تأتي كالماضي الأسود
بغزير دموع وأنين

أتحدى..
لا يا مستقبل
سأعود بعزم ويقين
وسأمسح عن أمي الدمعة
أعطيها في يدها سكين
وأرد إلى خالي روحه
وأعلق في كتفه مدفع
أهديه الأمل الوضاء

أملي في يوم أن نرجع
للأرض المحبوبة أرضي
للزهر النادي للورد
ما عادت ترهبني القوة
فالقوة يملكها زندي

Saleh said...

نعم يا فدوى،

"أتحدى..
لا يا مستقبل
سأعود بعزم ويقين"


شكراً شفيق على هالأبيات الجميلة

Saleh said...

لا يا نور، الشعب عارف عنوانه: "فلسطين" لا لبس و لا غموض، لكن فيه ناس بدهم يضيعونا و يقسمونا، الله يعطيهم على قد نياتهم.

فلسطين واحدة، بيحاول البعض يقسمها بشكل أو بآخر حتى يسهلوا عاليهود ابتلاع فلسطين لقمة سائغة، الله عالظالمين الضالين إن ما ارتدعوا