تعلمت من الحياة

تعلمت من الحياة:
لن ينكسر قارب الحياة على صخرة اليأس مادام هناك مجداف اسمه الأمل.

Monday 22 March 2010

ما أشبه الليلة بالبارحة


في أواخر القرن الخامس عشر، أرسل مسلمو غرناطة إلى الملك الأشرف قايتباي (1468-1496) سلطان المماليك بمصر، يرجونه التدخل لإنقاذهم من ظلم ملوك المسيحيين، فاكتفى الأشرف بإرسال وفود إلى البابا، و إلى ملوك أوروبا يذكرهم بأن المسيحيين في دولته يتمتعون بكافة الحريات، بينما إخوته في الدين في مدن إسبانيا يتعرضون لشتى ألوان الاضطهاد، و هدد على لسان مبعوثيه بأنه سوف يتبع سياسة المعاملة بالمثــل، و هي التنكيل بالمسيحيين إذا لم يكفَّ ملوك إسبانيا عن اضطهاد المسـلمين، و طالب بعدم التعرض لهم، و رد ما أُخِذ من أراضيهم.

لكن الملك فرديناندو، و الملكة إيزابيلا لم يريا في مطالب سلطان المماليك و تهديده ما يحملهما على تغيير خطتهما في الوقت الذي كانت فيه قواعد الأندلس تسقط تباعا في أيديهما، إلا أنهما بعثا إليه رسالة مجاملة ذكرا فيها : " أنهما لا يفرقان في المعاملة بين رعاياهما المسلمين و النصارى، و لكنهما لا يستطيعان صبرا على ترك أرض الآباء و الأجداد في يد الأجانب، و أن المسلمين إذا شاءوا الحياة في ظل حكمهما راضين مخلصين، فإنهم سوف يلقون منهما نفس ما يلقاه الرعايا الآخرون من الرعاية..".

لم يتمكن الباحثون من معرفة مصير هذه الرسالة، كما أنه لا يلاحظ في سياسة مصر المملوكية نحو الرعايا المسيحيين في مصر، أو في القدس ما يدل على أن السلطان المملوكي قد نفذ تهديده.

و يبدو أن السلطان قايتباي لم يتمكن من إغاثة مسلمي الأندلس بسبب انشغاله بتحركات بايزيد ورد غاراته المتكررة على الحدود الشمالية، بالإضافة إلى الاضطرابات الداخلية التي كانت تثور هنا و هناك، و من ثم فإن الجهود المصرية وقفت عند الاكتفاء بالجهود الديبلوماسية، و تركت الأندلس تواجه قدرها بنفسها.

كرر الأندلسيون استغاثتهم بالملك الأشرف قانصو الغوري (1501-1516) سلطان مماليك مصر و الشام، داعين إياه أن يتوسط لدى الملكين الكاثوليكيين (فرديناندو و إيزابيلا) لاحترام معاهد الاستســلام، و وقف أعمال الاضطهاد ضدهم، فأرسل الغوري وفدا إلى الملكين يبين لهما أنه سوف يجبر النصارى المقيمين في بلاده على الدخول في الإسلام، إذا لم تراع الاتفاقات السابقة بينهما و بين المسلمين، فأرسل إليه الملكان سفيرا أقنعه بأن المسلمين يعاملون معاملة حسنة، و أن لهم نفس الحقوق التي يتمتع بها الإسبان.

و هكذا خابت آمال المسلمين الأندلسيين في تلقي أي دعم أو مدد من سلطان المماليك قانصو الغوري الذي يبدو أنه كان مشغولا هو الآخر بحروبه مع العثمانيين، إضافة إلى كونه لا يملك أسطولا قويا يمكنه من مواجهة الإسبان أقعدته عن إغاثة الأندلسيين

1 comment:

sfo said...

نعم يا صديقي
التاريخ يعيد نفسه
مراراً وتكراراً

لعل وعسى
أن تتكرر شخصية صلاح الدين
في عصرنا
(: