Thursday, 6 January 2011

دروس من الحياة: ١٥- عقد الألماس

كانت هناك شابة جميلة تدعى "صوفي" و رسام صغير يدعى "باتريك" نشآ في إحدى البلدات الصغيرة، و كان باتريك يملك موهبة كبيرة في الرسم بحيث توقع له الجميع مستقبلا مشرقا، و نصحوه بالذهاب إلى باريس، و حين بلغ العشرين تزوج صوفي الجميلة، و قررا الذهاب سويا إلى عاصمة النور، و كان طموحهما واضحا منذ البداية حيث سيصبح هو رساما عظيما و هي كاتبة مشهورة.

و في باريس سكنا في شقة جميلة، و بدآ يحققان أهدافهما بمرور الأيام، و في الحي الذي سكنا فيه تعرفت صوفي على سيدة ثرية لطيفة المعشر، و ذات يوم طلبت منها استعارة عقد لؤلؤ غالي الثمن لحضور زفاف في بلدتها القديمة، و وافقت السيدة الثرية و أعطتها العقد و هي توصيها بالمحافظة عليه.

و لكن صوفي اكتشفت ضياع العقد بعد عودتهما للشقة، فأخذت تجهش بالبكاء، فيما انهار باتريك من اثر الصدمة، و بعد مراجعة كافة الخيارات قررا شراء عقد جديد للسيدة الثرية يملك نفس الشكل و المواصفات، و لتحقيق هذا الهدف باعا كل مايملكان، و استدانا مبلغا كبيرا بفوائد فاحشة، و بسرعة اشتريا عقدا مطابقا و أعاداه للسيدة التي لم تشك مطلقا في انه عقدها القديم.

غير أن الدين كان كبيرا، و الفوائد تتضاعف باستمرار، فتركا شقتهما الجميلة، و انتقلا إلى غرفة حقيرة في حي قذر، و لتسديد ما عليهما تخلت صوفي عن حلمها القديم، و بدأت تعمل خادمة في البيوت، أما باتريك فترك الرسم و بدأ يشتغل حمالا في الميناء، و ظلا على هذه الحال خمسة و عشرين عاماً، ماتت فيها الأحلام، و ضاع فيها الشباب، و تلاشى فيها الطموح.

و ذات يوم ذهبت صوفي لشراء بعض الخضروات لسيدتها الجديدة، و بالصدفة شاهدت جارتها القديمة، فدار بينهما الحوار التالي:

- عفواً هل أنت صوفي؟

- نعم، من المدهش أن تعرفيني بعد كل هذه السنين!!

- يا إلهي تبدين في حالة مزرية، ماذا حدث لك، ولماذا اختفيتما فجأة!؟

- أتذكرين ياسيدتي العقد الذي استعرته منك!؟.. لقد ضاع مني، فاشترينا لك عقدا جديدا بقرض ربوي، و مازلنا نسدد قيمته.

- يا إلهي، لماذا لم تخبريني يا عزيزتي؛ لقد كان عقدا مقلدا لا يساوي خمسه فرنكات!!


                                                                           (من الأدب الفرنسي)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العبرة:
لا تضيّع حياتك بسبب حماقة غير مؤكدة.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة: هذه سلسلة من الحكايات القصيرة التي فيها عبرة، الحكايات ليست من تأليفي و لكني جمعتها و ما زلت من مصادر مختلفة، السلسلة أسبوعية حيث تظهر قصة جديدة كل يوم خميس بشكل ذاتي.

القصص السابقة:
  1. نعـل الملك
  2. الإعلان و الأعمى
  3. حكاية النسر
  4. حذاء غاندي
  5. فـي بيتهـم بـاب
  6. الصبي و النادلة
  7. ذكاء فتاة
  8. الوزراء الثلاثة
  9. ساعة الياباني
  10. أمسك بيدي
  11. الحمار الذي يجب بيعه
  12.  رسوم أطفال
  13.  الأب المشغول دائماً
  14.  تحية الصباح

8 comments:

  1. read it from b4 and still makes me wonder!

    How many times I`ve done so! :(

    ReplyDelete
  2. Hana, Haitham, and the Doctor, thank you for being around. Glad that you liked it.

    ReplyDelete
  3. القصه بعرفها من زمان و كتير بتخليني افكر ... بالعاده تفكيري بكون بتسرعي باتخاذ القرارات بعض الوقوع بالمشاكل بدون مراجعه تفصيليه للمشكله و التفكير باكثر من طريقة لحلها

    ولكن العبره اللي كتبتها "لا تضيّع حياتك بسبب حماقة غير مؤكدة"
    فتحت 100 فكرة و تساؤل جديد براسي

    ReplyDelete
  4. All I can say is :عن جد!!!!!!!!!!!!!!!!!

    I've been thinking about thie 3ebra for months now,my head is about to explode

    thanks
    btw min wain betjeeb kol hal esas?

    ReplyDelete
  5. ويسبر هانم، الشكر الجزيل للزيارة و التعليق، و إن شاء الله الأفكار و التساؤلات الجديدة تجيبلك الخير

    ReplyDelete
  6. Rain Hanim, There are a lot of things which we need to think hard about. But we need to be careful not to overdo the thinking.

    Thanks for visiting and commenting.

    I have been collecting those stories for a couple of years. They are either from e-mails, the internet or my readings. I liked the idea of adding a "moral" to each story which should be the aim of any story we read/hear.

    ReplyDelete